أحمد عاطف (القاهرة)

أجمع خبراء ومحللون على أن العمل الإرهابي الذي شهدته بنيوزيلندا والذي استهدف المصلين بمسجدين بالمدينة نتيجة لا تحتمل التأويل لحملات الكراهية والتحريض لوسائل الإعلام في الغرب ضد المسلمين فيما يعرف بظاهرة «الاسلاموفبيا»، مؤكدين في تصريحات لـ «الاتحاد» ضرورة وجود وقفة من المجتمع الدولي للحد من الكراهية ونشر تعاليم التسامح.وقال الدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، إن تلك الحملات وطدت لاحتقان عميق بين غير المسلمين والمسلمين هناك، موضحاً أن الحادث، «تحول نوعي خطير، ولابد لوقفة من المجتمع الدولي للحد من الكراهية ونبذ العنف»، معتبراً أن الإسلام يرتكز في كل مبادئه على التعايش مع الغير وعلى احترام الأديان.واعتبر عفيفي، أن موجة الكراهية زادت وتيرتها مؤخراً بسبب صعود اليمنيين المتشددين في المناصب القيادية ببعض الدول الأوروبية، وأنها وصلت لمعاملة المسلمين كـ«الغرباء» بسبب ما يشاع عن أن هناك عناصر شاذة من المسلمين متورطين في عمليات إرهابية، لكن الراسخ أن الإرهاب لا يعرف دينا ولا جنسا، وهو ما يجب تنشئة الأجيال الجديدة عليه.وقال الباحث في شئون الجماعات المتطرفة والإرهاب، منير اديب إن ما حدث الجمعة، يظهر إمكانية وجود جماعات إرهابية جديدة في العالم تستهدف الانتقال من مراكز النزاع التي تم تأمينها في الشرق الأوسط، لخلق مناطق نزاع جديدة في أوروبا والمنطقة، بهدف وجود نوع من الإسلاموفوبيا في العالم واستمرار الفزع. وعلق أديب، على رد فعل المسلمين والأزهر الشريف بأنه «كان متوازنا للغاية فيما يخص متابعة الحادث، خاصة وأنه يختص بالمسلمين هذه المرة وليس العكس، كما يغلب على العمليات الإرهابية»، مشيرا إلى أن الأزهر أكد على ضرورة فرض قيم التسامح واحترام الأديان كما نص عليها مؤتمر السلام في الإمارات العربية المتحدة بحضور شيخ الأزهر والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان.
وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي إن العمليات الإرهابية أصبحت تأخذ منحى مرتفعا في العالم الخارجي وهو الأمر الذي أكد عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال أحاديثه الأخيرة سواء في القمة العربية الأوروبية في مدينة شرم الشيخ، أو في الندوة التثقيفية الأخيرة للجيش المصري خاصة مع تزايد هذه العمليات والمنفذين الأجانب لها في أوروبا وحتى في الشرق الأوسط.
وأضاف ماهر، أن الأزهر والمؤسسات الدينية والدول العربية في رد فعلها على الحادث لم تتطرق لفكرة الديانة الخاصة بمنفذ الهجوم الإرهابي، ونفوا أن تكون التهمة متعلقة بالديانة، وإنما متعلقة بتطرف شخص وعقليته ضد مواطنين عُزل من سلاحهم وأثناء تعبدهم في دور دين سواء كانت إسلامية أو مسيحية، وهو ما يكشف نضجاً كافياً للعرب وللمؤسسات الدينية. وأكد الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، خالد الزعفراني، أنه على الجميع أن يفرق بين الدين والإرهاب، وعدم إلصاق التهم للأديان باعتبارها براء من هذه التهم بشكل تام، وهو الأمر الذي يمثل تماشي مع التغيرات الفكرية التي طرأت على الأزهر الشريف في الفترة الأخيرة، ضمن تنقيح الخطاب الديني في الأزهر الشريف، وبالتالي يظهر في البيانات الصادرة في الفترة الأخيرة.